للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا يَتَنَاوَلُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطْعًا وَقَدْ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَنْ آمَنَ مِنَ الْأُمَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَالَّذِينَ كَانُوا عَلَى دِينِ مُوسَى وَالْمَسِيحِ وَإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ ; كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: ٦٢] وَأَمَّا أُمَّةُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّ اللَّهَ هَدَاهُمْ لِمَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْأُمَمَ قَبْلَهُمْ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَهَذَا بَيِّنٌ، فَإِنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَالْعَدْلِ الْوَسَطِ بَيْنَ طَرَفَيِ الْبَاطِلِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي اتِّبَاعِهِمُ الْحَقَّ الَّذِي اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فِي التَّوْحِيدِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَخْبَارِ وَالتَّشْرِيعِ وَالنَّسْخِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

أَمَّا التَّوْحِيدُ فَإِنَّ الْيَهُودَ شَبَّهُوا الْخَالِقَ بِالْمَخْلُوقِ فَوَصَفُوا الرَّبَّ سُبْحَانَهُ بِصِفَاتِ النَّقْصِ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهَا الْمَخْلُوقُ فَقَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَبَخِيلٌ وَأَنَّهُ يَتْعَبُ وَغَيْرُ ذَلِكَ.

وَالنَّصَارَى وَصَفُوا الْمَخْلُوقَ بِصِفَاتِ الْخَالِقِ صِفَاتِ الْكَمَالِ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهَا الْخَالِقُ فَقَالُوا: عَنِ الْمَسِيحِ أَنَّهُ خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْقَدِيمُ الْأَزَلِيُّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>