للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَسْتَسْلِمْ لَهُ بَلِ اسْتَكْبَرَ عَنْ عِبَادَتِهِ كَانَ مِمَّنْ قِيلَ فِيهِ {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: ٦٠] فَلِهَذَا كَانَ جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ وَأُمَمِهِمْ مُسْلِمِينَ لِلَّهِ يَعْبُدُونَهُ وَحْدَهُ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَإِنْ تَنَوَّعَتْ شَرَائِعُهُمْ فَالْمَسِيحُ لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا لَمَّا كَانَ مُتَّبِعًا لِشَرْعِ التَّوْرَاةِ وَلَمَّا نَسَخَ اللَّهُ لَهُ نُسْخَةً مِنْهَا.

وَمُحَمَّدٌ لَمْ يَزَلْ مُسْلِمًا لِمَا كَانَ يُصَلِّي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ لَمَّا صَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ وَلَمَّا بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى الْخَلْقِ كَانُوا كُلُّهُمْ مَأْمُورِينَ بِطَاعَتِهِ وَكَانَتْ عِبَادَةُ اللَّهِ طَاعَتَهُ، فَمَنْ لَمْ يُطِعْهُ لَمْ يَكُنْ عَابِدًا لِلَّهِ فَلَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا.

وَأَمَّا التَّشْرِيعُ فَإِنَّ الْيَهُودَ زَعَمُوا أَنَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ يَمْتَنِعُ مِنْهُ أَنْ يَنْسَخَهُ.

وَالنَّصَارَى زَعَمُوا أَنَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ يَسُوغُ لِأَكَابِرِهِمْ أَنْ يَنْسَخُوهُ فَهَدَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ فَقَالُوا إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَهُ أَنْ يَنْسَخَ مَا شَرَعَهُ خِلَافًا لِلْيَهُودِ وَلَيْسَ لِلْمَخْلُوقِ أَنْ يُغَيِّرَ شَيْئًا مِنْ شَرْعِ الْخَالِقِ خِلَافًا لِلنَّصَارَى.

وَأَمَّا الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ وَالطَّهَارَةُ وَالنَّجَاسَةُ فَإِنَّ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الطَّيِّبَاتُ وَشُدِّدَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْرِ النَّجَاسَاتِ، حَتَّى مُنِعُوا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>