عَنَى بِهِمُ النَّصَارَى فَهُوَ مِنْ تَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَتَبْدِيلِ كَلَامِ اللَّهِ ; كَمَا فَعَلُوهُ فِي قَوْلِهِ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا} [آل عمران: ٨٥] وَفِي قَوْلِهِ: بِإِذْنِي أَيْ بِاللَّاهُوتِ وَفِي قَوْلِهِ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: ٦] .
وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرُوهُ وَتَأَوَّلُوهُ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ بِهِ وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ أَنَّهُمْ فَعَلُوا كَذَلِكَ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ الْقُرْآنُ الَّذِي قَدْ عُرِفَ تَفْسِيرُهُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْعَامُّ وَالْخَاصُّ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنِ الرَّسُولِ نَقْلًا مُتَوَاتِرًا حَتَّى عُرِفَ مَعْنَاهُ عِلْمًا يَقِينًا اضْطِرَارِيًّا فَيُبَدِّلُونَ مَعْنَاهُ وَيُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ فَمَاذَا يَصْنَعُونَ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَلَمْ يُنْقَلْ لَفْظُ ذَلِكَ وَمَعْنَاهُ ; كَمَا نُقِلَ الْقُرْآنُ وَلَيْسَ فِي أَهْلِ تِلْكَ الْكُتُبِ مَنْ يَذُبُّ عَنْ لَفْظِهَا وَمَعْنَاهَا ; كَمَا يَذُبُّ الْمُسْلِمُونَ عَنْ لَفْظِ الْقُرْآنِ وَمَعْنَاهُ؟ .
وَهَؤُلَاءِ غَرَّهُمْ قَوْلُهُ: {ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: ٢] فَظَنُّوا أَنَّ لَفْظَ ذَلِكَ لَمَّا كَانَ يُشَارُ بِهَا إِلَى الْغَائِبِ أُشِيرَ بِهَا إِلَى الْإِنْجِيلِ.
فَيُقَالُ: لَهُمْ هَذَا كَقَوْلِهِ: {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ} [آل عمران: ٥٨] وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا تَلَاهُ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ، وَقَوْلِهِ: {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} [الممتحنة: ١٠]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute