للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثْلَ صُورَتِهِ، وَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ يُرَى فِي مَكَانَيْنِ وَيُرَى وَاقِفًا بِعَرَفَاتٍ وَهُوَ فِي بَلَدِهِ لَمْ يَذْهَبْ فَيَبْقَى النَّاسُ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ حَائِرِينَ.

فَإِنَّ الْعَقْلَ الصَّرِيحَ يَعْلَمُ أَنَّ الْجِسْمَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ فِي الْوَقْتِ الْوَاحِدِ فِي مَكَانَيْنِ.

وَالصَّادِقُونَ قَدْ رَأَوْا ذَلِكَ عِيَانًا لَا يَشُكُّونَ فِيهِ وَلِهَذَا يَقَعُ النِّزَاعُ كَثِيرًا بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ ; كَمَا قَدْ جَرَى ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ.

وَهَذَا صَادِقٌ فِيمَا رَأَى وَشَاهَدَ وَهَذَا صَادِقٌ فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ الصَّرِيحُ.

لَكِنَّ ذَلِكَ الْمَرْئِيَّ كَانَ جِنِّيًّا تَمَثَّلَ بِصُورَةِ الْإِنْسَانِ.

وَالْحِسِّيَاتُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا عَقْلِيَّاتٌ تَكْشِفُ حَقَائِقَهَا وَإِلَّا وَقَعَ فِيهَا غَلَطٌ كَبِيرٌ.

وَهَذَا الْقِسْمُ الْمَشْهُودُ فِي الْخَارِجِ غَيْرَ مَا يَتَخَيَّلُهُ الْإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ، فَإِنَّ هَذَا يَعْرِفُهُ جَمِيعُ النَّاسِ وَيُصَوِّبُهُ جَمِيعُ الْعُقَلَاءِ يَتَخَيَّلُونَ أَشْيَاءَ فِي أَنْفُسِهِمْ ; كَمَا يَتَخَيَّلُهُ النَّائِمُ فِي مَنَامِهِ وَتَكُونُ تِلْكَ الصُّورَةُ مَوْجُودَةً فِي الْخَيَالِ لَا فِي الْخَارِجِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>