للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى قَوْلِهِ: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ} [المائدة: ٤٣] فَعُلِمَ أَنَّ التَّوْرَاةَ الَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً بَعْدَ خَرَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَبَعْدَ مَجِيءِ بُخْتُنَصَّرَ وَبَعْدَ مَبْعَثِ الْمَسِيحِ وَبَعْدَ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ.

وَالتَّوْرَاةُ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ يَهُودِ الْمَدِينَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ قِيلَ: أَنَّهُ غُيِّرَ بَعْضُ أَلْفَاظِهَا بَعْدَ مَبْعَثِهِ فَلَا نَشْهَدُ عَلَى كُلِّ نُسْخَةٍ فِي الْعَالَمِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا غَيْرُ مَعْلُومٍ لَنَا وَهُوَ أَيْضًا مُتَعَذِّرٌ بَلْ يُمْكِنُ تَغْيِيرُ كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ وَإِشَاعَةُ ذَلِكَ عِنْدَ الْأَتْبَاعِ حَتَّى لَا يُوجَدَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا مَا غُيِّرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَعَ هَذَا فَكَثِيرٌ مِنْ نُسَخِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مُتَّفِقَةٌ فِي الْغَالِبِ إِنَّمَا تَخْتَلِفُ فِي الْيَسِيرِ مِنْ أَلْفَاظِهَا فَتَبْدِيلُ أَلْفَاظِ الْيَسِيرِ مِنَ النُّسَخِ بَعْدَ مَبْعَثِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُمْكِنٌ لَا يُمْكِنُ أَحَدٌ أَنْ يَجْزِمَ بِنَفْيِهِ وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّ كُلَّ نُسْخَةٍ فِي الْعَالَمِ بِالْكِتَابَيْنِ مُتَّفِقَةُ الْأَلْفَاظِ إِذْ هَذَا لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ إِلَى عِلْمِهِ، وَالِاخْتِلَافُ الْيَسِيرُ فِي أَلْفَاظِ هَذِهِ الْكُتُبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>