للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا إِذَا عُرِفَ صِدْقُهُ وَضَبْطُهُ، إِمَّا بِالْمُعْجِزَاتِ كَالْأَنْبِيَاءِ وَإِمَّا بِتَصْدِيقِ النَّبِيِّ لَهُ فِيمَا يَقُولُ وَإِمَّا بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ الْمَعْصُومَةِ عَلَى صِدْقِهِ وَاتِّفَاقِهِمْ عَلَى الْعَمَلِ بِخَبَرِهِ، أَوِ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى قَبُولِ خَبَرِهِ وَإِقْرَارِهِ، وَذَكَرَهُ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، أَوْ ظُهُورِ دَلَائِلَ وَشَوَاهِدَ وَقَرَائِنَ احْتَفَّتْ بِخَبَرِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الدَّلَائِلِ عَلَى صِدْقِ الْمُخْبِرِ، فَهَذِهِ يَجِبُ مَعَهَا الْحُكْمُ بِصِدْقِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ وَلَمْ يَغْلَطْ، وَإِنْ كَانَ خَبَرُهُ لَوْ تَجَرَّدَ عَنْ تِلْكَ الدَّلَائِلِ أَمْكَنَ كَذِبُهُ أَوْ غَلَطُهُ كَمَا أَنَّ الْخَبَرَ الْمُجَرَّدَ لَا يُجْزَمُ بِكَذِبِهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إِمَّا قِيَامِ دَلِيلٍ عَقْلِيٍّ قَاطِعٍ أَوْ سَمْعِيٍّ قَاطِعٍ عَلَى أَنَّهُ بِخِلَافِ مُخْبِرِهِ فَيُجْزَمُ بِبُطْلَانِ خَبَرِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُخْبِرُ إِمَّا كَاذِبًا أَوْ غَالِطًا، وَقَدْ يُعْلَمُ أَحَدُهُمَا بِدَلِيلٍ.

فَالْمُسْلِمُونَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْأَخْبَارِ عَنْ نَبِيِّهِمْ مَا هُوَ مُتَوَاتِرٌ وَمَا اتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ الْمَعْصُومَةُ عَلَى تَصْدِيقِهِ، وَمَا قَامَتْ دَلَائِلُ صِدْقِهِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْجِهَةِ مِثْلُ: أَنْ يُخْبِرَ وَاحِدٌ أَوِ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ كَثِيرٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَاطَئُوا عَلَى الْكَذِبِ بِخَبَرٍ يَقُولُونَ إِنَّ أُولَئِكَ عَايَنُوهُ وَشَاهَدُوهُ فَيُقِرُّونَهُمْ عَلَى هَذَا وَلَا يُكَذِّبُ بِهِ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَيُعْلَمُ بِالْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَاذِبًا لَامْتَنَعَ اتِّفَاقُ أَهْلِ التَّوَاتُرِ عَلَى السُّكُوتِ عَنْ تَكْذِيبِهِ كَمَا يَمْتَنِعُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى تَعَمُّدِ الْكَذِبِ.

وَإِذَا نَقَلَ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ مَا تُوجِبُ الْعَادَةُ اشْتِهَارَهُ وَظُهُورَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ، وَنَقَلُوهُ مُسْتَخْفِينَ بِنَقْلِهِ لَمْ يَنْقُلُوهُ عَلَى رُءُوسِ الْجُمْهُورِ، عُلِمَ أَنَّهُمْ كَذَبُوا فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>