للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنِ الْمَسِيحِ وَمُوسَى (وَمُحَمَّدٍ - عَلَيْهِمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ - مِنَ الْحَدِيثِ مِثْلَ سِيرَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَأَحَادِيثِ السُّنَنِ، وَالْمَسَانِدِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ فِي الْعَالَمِ بِكُلِّ كِتَابٍ مِنْهَا نُسَخٌ كَثِيرَةٌ، لَا يُمْكِنُ أَنْ يُغَيَّرَ مِنْهَا فَصْلٌ طَوِيلٌ، وَلَكِنْ فِي نَفْسِ السِّيرَةِ وَقَعَ غَلَطٌ فِي مَوَاضِعَ وَأَحَادِيثَ وَقَعَتْ فِي السُّنَنِ هِيَ غَلَطٌ فِي الْأَصْلِ (فَاشْتِهَارُ النُّسَخِ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَ الْغَلَطِ فِي الْأَصْلِ) وَهَذِهِ كُتُبُ التَّفْسِيرِ وَالْفِقْهِ وَالدَّقَائِقِ، مَا مِنْ كِتَابٍ إِلَّا وَبِهِ نُسَخٌ كَثِيرَةٌ فِي الْعَالَمِ لَا يُمْكِنُ تَغْيِيرُ فَصْلٍ طَوِيلٍ مِنْهَا وَفِيهَا أَحَادِيثُ غَلَطٌ فِي الْأَصْلِ.

وَالْأَنَاجِيلُ الَّتِي بِأَيْدِي النَّصَارَى تُشْبِهُ هَذَا، وَلِهَذَا أُمِرُوا أَنْ يَحْكُمُوا بِمَا فِيهَا فَإِنَّ فِيهَا أَحْكَامَ اللَّهِ وَعَامَّةُ مَا فِيهَا مِنَ الْأَحْكَامِ لَمْ يُبَدَّلْ لَفْظُهُ وَإِنَّمَا بُدِّلَتْ بَعْضُ أَلْفَاظِ الْخَبَرِيَّاتِ وَبَعْضُ مَعَانِي الْأَمْرِيَّاتِ كَمَا نُؤْمَرُ نَحْنُ أَنْ نَعْمَلَ بِأَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ الْمَعْرُوفَةِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اعْتَنَوْا بِضَبْطِهَا أَكْثَرَ مِنَ اعْتِنَائِهِمْ بِضَبْطِ الْخَبَرِيَّاتِ كَأَحَادِيثِ الزُّهْدِ وَالْقِصَصِ وَالْفَضَائِلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، إِذْ حَاجَةُ الْأُمَمِ إِلَى مَعْرِفَةِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ أَكْثَرُ مِنْ حَاجَتِهِمْ إِلَى مَعْرِفَةِ التَّفَاصِيلِ بِالْخَبَرِيَّاتِ الَّتِي يُكْتَفَى بِالْإِيمَانِ الْمُجْمَلِ بِهَا.

وَأَمَّا الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ، فَلَابُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ، إِذِ الْعَمَلُ بِالْمَأْمُورِ لَا يَكُونُ إِلَّا مُفَصَّلًا، وَالْمَحْظُورُ الَّذِي يَجِبُ اجْتِنَابُهُ لَابُدَّ أَنْ يُمَيَّزَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَمَا قَالَ - تَعَالَى -:

<<  <  ج: ص:  >  >>