للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْتَقِمُ بِهِ مِمَّنْ عَصَاهُ، فَهَؤُلَاءِ أَعْظَمُ تَكْذِيبًا لَهُ، وَكُفْرًا بِهِ مِنْ أُولَئِكَ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْمُلُوكَ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابًا، وَلَا أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ الَّذِي أُبَلِّغُهُ إِلَيْكُمْ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ، وَلَا أَنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ أَنْ تُصَدِّقُونِي فِيمَا أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ، وَتُطِيعُونِي فِيمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْنِي بَاطِنًا وَظَاهِرًا، فَإِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، بَلْ هَؤُلَاءِ أَرْسَلَهُمْ إِرْسَالًا كَوْنِيًّا قَدَّرَهُ وَقَضَاهُ، كَمَا يُرْسِلُ الرِّيحَ بِالْعَذَابِ، وَكَمَا يُرْسِلُ الشَّيَاطِينَ قَالَ تَعَالَى: {أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: ٨٣] .

وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا - فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا} [الإسراء: ٤ - ٥] .

وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} [نوح: ١] .

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا} [المزمل: ١٥] .

<<  <  ج: ص:  >  >>