للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ:

هَذَا كَذِبٌ ظَاهِرٌ عَلَى الْقُرْآنِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، كَمَا كَذَبْتُمْ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْآيَاتِ ذِكْرُ قَرَابِينِكُمْ الْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا فِيهِ ذِكْرُ الْمَائِدَةِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ - تَعَالَى - فِي عَهْدِ الْمَسِيحِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَقَوْلُهُمْ: الْمَائِدَةُ هِيَ الْقُرْبَانُ الَّذِي يُتَقَرَّبُ بِهِ فِي كُلِّ قُدَّاسٍ، هُوَ أَوَّلًا: قَوْلٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَثَانِيًا: هُوَ قَوْلٌ مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ نَقَلُوا هَذَا الْقُرْآنَ عَنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَفْظَهُ وَمَعْنَاهُ، فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْمَائِدَةَ مَائِدَةٌ أَنْزَلَهَا اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى عَهْدِ الْمَسِيحِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَقِصَّتُهَا مَشْهُورَةٌ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ تَعْرِفُهَا الْعَامَّةُ وَالْخَاصَّةُ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّهَا قَرَابِينُ النَّصَارَى، وَلَيْسَ فِي لَفْظِ الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْآيَةَ تُبَيِّنُ أَنَّ الْمَائِدَةَ مُنَزَّلَةٌ مِنَ السَّمَاءِ وَقَرَابِينُهُمْ هِيَ عِنْدَهُمْ فِي الْأَرْضِ لَمْ تَنْزِلْ مِنَ السَّمَاءِ.

وَفِي الْآيَةِ أَنَّ عِيسَى قَالَ:

{اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ} [المائدة: ١١٤] (١١٤) {قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} [المائدة: ١١٥] .

<<  <  ج: ص:  >  >>