وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ مَا يَحْتَجُّونَ بِهِ مِنَ النَّقْلِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - يَحْتَاجُونَ فِيهِ إِلَى أَرْبَعِ مُقَدِّمَاتٍ: إِلَى أَنْ تُعْلَمَ نُبُوَّةُ الْمَنْقُولِ عَنْهُ، وَالَى أَنْ يُعْلَمَ لَفْظُهُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ، وَإِلَى أَنْ يُعْلَمَ مَا ذَكَرُوهُ تَرْجَمَةً صَحِيحَةً عِنْدَهُ، فَإِنَّ أُولَئِكَ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يَتَكَلَّمُوا بِالْعَرَبِيَّةِ، بَلْ وَلَا بِالرُّومِيَّةِ وَالسُّرْيَانِيَّةِ وَالْيُونَانِيَّةِ، وَإِنَّمَا تَكَلَّمُوا بِالْعِبْرِيَّةِ، كَالْمَسِيحِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ دَلِيلٌ عَلَى مَا ادَّعَوْهُ مِنْ قَبُولِ قَرَابِينِهِمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَنَحْنُ فِي هَذَا الْمَقَامِ نَقْتَصِرُ عَلَى مُنَازَعَتِهِمْ فِي هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ، فَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرُوهُ دَلِيلٌ عَلَى مَدْحِ قَرَابِينِهِمْ وَذَبَائِحِهِمْ بَعْدَ التَّبْدِيلِ وَالنَّسْخِ، وَلَكِنَّ غَايَتَهَا أَنْ يَدُلَّ عَلَى مَدْحِهَا قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يُنَازِعُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ النُّعُوتَ الْمَذْكُورَةَ عَنْ " أَشْعِيَا " وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ لَا تُوَافِقُ مَا عَلَيْهِ النَّصَارَى، فَإِنَّ النَّصَارَى لَا يُقَرِّبُونَ الْقَرَابِينَ بِالسَّمِيدِ، كَمَا كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ قَبْلُ، وَلَا يَحُجُّونَ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَمِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَيْتِ اللَّهِ، وَيُقَرِّبُونَ لِلَّهِ رَبِّهِمْ فِيهِ قَرَابِينَ نَقِيَّةً زَكِيَّةً، وَإِنَّمَا يَحُجُّونَ إِلَى قُمَامَةَ الْخَارِجَةِ عَنْ بَيْتِ اللَّهِ الَّذِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تَقْصِدُهُ وَتُصَلِّي فِيهِ، فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ إِنَّمَا كَانُوا يُصَلُّونَ فِي بَيْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute