للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ عَنْ " دَانْيَالَ " لَا يَتَضَمَّنُ مَدْحَ دِينِهِمْ بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ، وَإِنَّمَا يَتَضَمَّنُ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ الْمَسِيحَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْحَقِّ الَّذِي لَمْ يَزَلْ مِنْ قَبْلُ، وَهُوَ الدِّينُ الَّذِي بَعَثَ بِهِ الرُّسُلَ قَبْلَهُ، وَهُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ وَأَنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ يُخَرَّبُ مَعَ مَجِيءِ الْمَسِيحِ، وَيَفْنَى الْمِيثَاقُ الْعَتِيقُ، يَعْنِي مَا نُسِخَ مِنْ شَرْعِ التَّوْرَاةِ، وَأَنَّهُ يُبْطِلُ ذَبَائِحَ الْيَهُودِ وَقَرَابِينَهُمْ.

وَهَذَا كُلُّهُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ شَرْعِ التَّوْرَاةِ، وَبُطَلَانِ دَوْلَةِ الْيَهُودِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَسِيحَ جَاءَ بِالْحَقِّ، وَمَنِ اتَّبَعَ الْمَسِيحَ كَانَ عَلَى الْحَقِّ، وَهَذَا مِمَّا لَا يُنَازِعُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ مُتَمَسِّكًا بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمَسِيحُ فَإِنَّهُ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَلَكِنْ مَنْ جَاءَ بِشَرْعٍ لَمْ يَأْتِ بِهِ الْمَسِيحُ أَوْ أَرَادَ اتِّبَاعَ شَرْعِهِ بَعْدَ النَّسْخِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْيَهُودِ الَّذِينَ نَسَخَ اللَّهُ مَا نَسَخَهُ مِنْ شَرْعِهِمْ وَأَزَالَ دَوْلَتَهُمْ وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِالنَّصَارَى لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَزَالَ دَوْلَتَهُمْ عَنْ وَسَطِ الْأَرْضِ وَخِيَارِهَا وَحَيْثُ بُعِثَتِ الْأَنْبِيَاءُ كَأَرْضِ الشَّامِ وَمِصْرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>