للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ كَتَبَ النَّبِيُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ إِلَى قَيْصَرَ مَلِكِ النَّصَارَى الَّذِي اسْمُهُ هِرَقْلُ بِالشَّامِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَهُ - تَعَالَى -:

{لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} [يس: ٦] .

يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يُنْذِرِ الْأُمِّيِّينَ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُنْذِرُ غَيْرَهُمْ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ:

{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: ٢١٤] .

يَقْتَضِي إِنْذَارَ قَوْمِهِ وَلَا يُنَافِي أَنْ يُنْذِرَ غَيْرَهُمْ مِنَ الْعَرَبِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ فِي قُرَيْشٍ:

{فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: ٣] .

لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ قُرَيْشٍ مَأْمُورِينَ بِعِبَادَةِ رَبِّ هَذَا الْبَيْتِ، بَلْ أَمَرَ اللَّهُ جَمِيعَ الثَّقَلَيْنِ: الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَنْ يَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ سَكَتَ عَنْ مَا سِوَى الْأُمِّيِّينَ فِي هَذَا، فَيُشْعِرُ بِالنَّفْيِ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ الَّذِي يُسَمَّى مَفْهُومَ الْمُخَالَفَةِ، قِيلَ ذَاكَ إِنَّمَا يَدُلُّ إِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>