وأكثروا من النظر فيها والتصفح لها، فانجرَّ على الإسلام وأهله من علوم الفلاسفة مالا يوصف من البلاء والمحنة في الدين، وعظم بالفلاسفة ضلال أهل البدع، وزادتهم كفرا إلى كفرهم". انتهى.
وقد سار على منهاج المأمون في عمل الأرصاد كثير من الملوك المنحرفين مثل الحاكم العبيدي، وبعض بني بويه والسلاجقة، وهولاكو وتيمورلنك وأولغ بك.
فهؤلاء خلفاء الصواف الذين تركوا له ولأشباهه من علم الفلك وعمل الأرصاد ما تركوا، ومع ما كانوا عليه من الاعتناء بالأرصاد وعلم الفلك فقد كانوا على مذهب أهل الهيئة القديمة في القول بسكون الأرض وجريان الشمس، ولم يذكر عن أحد منهم أنه قال بتعدد الشموس والأقمار، ولا بغير ذلك مما يهذو به أهل الهيئة الجديدة وأتباعهم في أبعاد الكواكب ومقاديرها، وغير ذلك مما أودعه الصواف في رسالته، وزعم أنه مما تركه الخلفاء العظام، وهو بذلك قد افترى عليهم ونسب إليهم ما لم يؤثر عنهم، وإنما هو مأثور عن أهل الهيئة الجديدة وأتباعهم.
وأما زعمه أن ما جمعه في رسالته فهو مما تركه العلماء الأعلام.
فجوابه: أن يقال إن أعلم هذه الأمة على الإطلاق علماء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ولم يتكلم أحد منهم في علم الفلك بشيء فضلا عن القول بحركة الأرض وثبات الشمس، والرجم بالغيب عن أبعاد الكواكب ومقادير أجرامها وغير ذلك مما أودعه الصواف في رسالته.
ثم التابعون وتابعوهم بإحسان وأئمة العلم والهدى من بعدهم، ولاسيما الأئمة الأربعة وأقرانهم من أكابر العلماء، فهؤلاء هم العلماء الأعلام على الحقيقة، ولم