ومع شدة حرصه - صلى الله عليه وسلم - على تعليم أمته كل شيء فلم يُذكر عنه أنه كان يعلمهم البروج الإثني عشر ومنازل الشمس والقمر ودرجات الفلك وعرض البلدان وطولها والسمت والنظير وفصول السنة وأوقات الكسوف والخسوف وغير ذلك مما يعتني به الفلكيون فضلا عما يهذو به فلاسفة الإفرنج ومقلدوهم من ضعفاء البصيرة من المسلمين فيما يتعلق بالأرض والشمس والقمر والنجوم.
بل قد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه ذم الكلام في النجوم. فروى الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة بأسانيد صحيحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد».
قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: فقد صرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن علم النجوم من السحر وقال تعالى {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}.
وروى رزين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من اقتبس بابًا من علم النجوم لغير ما ذكر الله فقد اقتبس شعبة من السحر».
قوله لغير ما ذكر الله أي من الاهتداء بها في ظلمات البر والبحر كما قال تعالى {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} الآية وقال تعالى {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ}.
ومن الاهتداء بها الاستدلال بها على جهة القبلة وعلى الجهات التي يقصدها المسافرون في البر والبحر.
فأما التخرص في معرفة مواردها ومقادير أجرامها وأبعادها وغير ذلك من الدعاوي الطويلة العريضة التي قد شغف بالخوض فيها أهل الهيئة الجديدة