والجواب عن هذا من وجهين: أحدهما: أن الختم لا يكون من الشيطان وإنما يكون من الله تعالى كما قال تعالى {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} وقال تعالى {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ} والختم هو الطبع. وقال تعالى {وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} وقال تعالى {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} وقال تعالى {وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} والآيات في هذا المعنى كثيرة.
الوجه الثاني: أن الأبصار لا يختم عليها كما توهمه الصواف وإنما تجعل عليها الغشاوة كما قال الله تعالى {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} وقال تعالى {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}.
قال ابن جرير وقوله {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} خبر مبتدأ بعد تمام الخبر عما ختم الله عليه من جوارح الكفار الذين مضت قصصهم.
وقال البغوي {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} هذا ابتداء كلام. غشاوة أي: غطاء فلا يرون الحق.
وقال ابن كثير وأعلم أن الوقف التام على قوله تعالى {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} وقوله {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} جملة تامة فإن الطبع يكون على القلب وعلى السمع. والغشاوة وهي الغطاء تكون على البصر.
وروى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما. ختم الله على قلوبهم