وفيما ذكره الصواف عن الفلكيين أنهم قالوا أن السماك الرامح لا يصل ضوؤه إلينا إلا في مائتي سنة مع ما ذكره محمد رشيد عنهم أنهم قالوا إن السماك الرامح يصل النور منه إلينا في نحو خمسين سنة وما بين هذين القولين من التفاوت العظيم في بعد نجم واحد أوضح دليل على تناقض الفلكيين وكذبهم في جميع مزاعمهم عن أبعاد النجوم ومقادير أحجامها وأضوائها وثقلها وأنهم أنا يعتمدون في ذلك على مجرد التخرصات والظنون الكاذبة.
وأما قوله هذه كلها تقديرات علماء الفلك والله أعلم بصحتها ولكنها تدل بوضوح على عظمة الخالق جل وعلا وكمال قدرته وفائق صنعته.
فالجواب عنه من وجوه: أحدها: أن يقال أن ما في السماء فهو من أمور الغيب التي لا تُعلم إلا من طريق الوحي ولا سبيل إلا علمها بالتقديرات التي هي التخرص واتباع الظن. ولا وهي على شيء مما زعمه الفلكيون في تقديراتهم عن النجوم البتة؛ وقد قال الله تعالى {وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} وقال تعالى {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ} وقال تعالى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}.
الوجه الثاني: أن تقديرات الفلكيين عن النجوم مخالفة لنصوص القرآن كما تقدم إيضاحه. وما خالف النصوص فهو باطل مردود على قائله كائنا من كان.
الوجه الثالث: أن يقال إن الله تبارك وتعالى أعظم وأجل من أن يستدل على عظمته وكمال قدرته وفائق صنعته بتخرصات الفلكيين وظنونهم الكاذبة, وإنما يستدل على ذلك بما أخبر الله به في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - فذلك