ومن هذا الباب الإعراض عما أخبر الله به من جريان الشمس وسبحها في الفلك ودؤبها في الجريان وأنه يأتي بها من المشرق. وما أخبر به من طلوعها ودلوكها وغروبها. وما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جريانها وطلوعها وزوالها وغروبها وغير ذلك مما جاء في الأحاديث الصحيحة. والعدول عن ذلك إلى ما تخرصه فلاسفة الإفرنج من ثبات الشمس وما تخيله الصواف بعقله من كونها تدور على نفسها كما تدور المروحة السقفية الكهربائية على محورها. فهذا التخرص والتخيل ناشئ عن ابتغاء حكم غير الله تعالى وعن عدم الإيمان بأن كلمة الله قد تمت صدقا وعدلا. ولو كان يرى وجوب التحاكم إلى الله تعالى ويؤمن بأن كلمة الله تعالى قد تمت صدقا وعدلا لما زعم أن أقل ما يقال في النصوص الدالة على جريان الشمس وسبحها في الفلك أنها ظنية وليست قطعية الدلالة وأن التوقف فيها أو تفويض الأمر فيها أسلم وأحكم وأن في تأوليها عن ظاهرها مندوحة. وما علم المسكين ما يلزم على هذا القول الباطل من تكذيب الله تعالى وتكذيب كتابه ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وقد جاء في صحيح البخاري عن علي رضي الله عنه أنه قال (حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله) والذي يعرفه المسلمون من زمني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى زماننا هذا عن الأرض والشمس والقمر هو ما أخبر الله به في كتابه وما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جريان الشمس والقمر وسبحها في الفلك ودؤوبهما في الجريان وما أخبر الله به ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وأجمع عليه المسلمون من استقرار الأرض وإرسائها بالجبال وجعلها أوتادا لها. فمن حدث الناس بهذا فقد حدثهم بما يعرفونه من أدلة الكتاب