وأما زعمه أن المجرة تمتد مساحتها مائة ألف عام بالنسبة إلى عام الضوء.
فجوابه أن يقال: هذا من جنس ما قبله من التخرص واتباع الظن الكاذب.
وأما زعمه أن المجرة تبعد عن سكان الأرض مقدار ثلاثين ألف عام من الضوء.
فجوابه أن يقال: هذا من أبطل الباطل؛ لأن المجرة على هذا التقدير تكون فوق العرش وليس فوق العرش شيء سوى الله تبارك وتعالى.
وقد علم بالمشاهدة أن المجرة تسير سير الكواكب الثوابت لا تتقدم على شيء منها ولا تتأخر عنه. والنجوم قد جعلت زينة للسماء الدنيا بنص القرآن وبين السماء الدنيا وبين الأرض خمسمائة سنة بنص الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وعلى هذا فليس بين المجرة وبين سكان الأرض سوى خمسمائة سنة.
ويشهد لهذا ما رواه الطبراني من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن هرقل كتب إلى معاوية رضي الله عنه, وقال إن كان بقي فيهم شيء من النبوة فسيخبرني عما أسألهم عنه, قال: فكتب إليه يسأله عن المجرة وعن القوس وعن بقعة لم تصبها الشمس إلا ساعة واحدة, قال: فلما أتى معاوية الكتاب والرسول قال: إن هذا لشيء ما كنت آبه له أن أسأل عنه إلى يومي هذا. من لهذا, قيل: ابن عباس, فطوى معاوية كتاب هرقل فبعث به إلى ابن عباس رضي الله عنهما, فكتب إليه (إن القوس أمان لأهل الأرض من الغرق والمجرة باب السماء الذي تنشق منه وأما البقعة التي لم تصبها الشمس إلا ساعة من النهار فالبحر الذي أفرج عن بني إسرائيل) قال ابن كثير: إسناده صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما. وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.