وهذا من أقبح التناقض؛ لأنه قد قرر أن السموات سبع كما نطقت به الآية الكريمة. ثم ذكر ما يقتضي كثرة عدد السموات وأن عدتها لا تنحصر في سبع بل ولا سبعين ولا سبعمائة ولا سبعة آلاف, ومثل هذا التناقض لا يصدر من رجل عاقل أبدا.
الوجه الثاني عشر: أن إيراد الصواف لما أحرزه الجهل الفزيقي والكشوف الجهلية الحديثة في الفلك وما أثبته جهلهم من أن الشمس والقمر والنجوم والمذنبات والنيازك والشهب والسدم إنما هي سموات فوق سموات تتألف منها عوالم الكون, وإيراده أيضا لما قاله الجاهل الفلكي "أرثر فندلاي" من أن الجهل أثبت أن السموات السبع أفضية مناسبة, وتقرير لهذه الأقوال الباطلة يقتضي تكذيب ما أخبر الله به في كتابه من كون السموات سبعا وكونهن شدادا. ويقتضي أيضا تكذيب ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كون السموات سبعا كثف كل سماء منهن خمسمائة سنة. بل هذا في الحقيقة إنكار لوجود السموات التي نص الله عليها في مواضع كثيرة من القرآن. ونص عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كثير من الأحاديث الصحيحة وأخبر أنه عرج به إليها فلم يدخل سماء منها هو وجبريل إلا بعد الاستفتاح وفتح الباب لهما.
وإذا كانت السموات السبع عند أهل الجهل الفزيقي والكشوف الجهلية ومن يقلدهم ويحذو حذوهم من جهال العصريين هي الشمس والقمر والنجوم والمذنبات والنيازك والشهب والسدم, فإنه يلزم على قولهم أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عرج به إلى الشمس والقمر والنجوم والمذنبات والنيازك والشهب والسدم ورأى فيها آدم وإبراهيم وموسى وهارون وإدريس ويوسف ويحيى وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وهذا لا يقوله مسلم, ومع هذا فقد أدخله الصواف في علم الفلك الذي نسبه إلى المسلمين. وهذا من أكبر