كلا, بل إنما كان صلاح أول هذه الأمة بالتمسك بكتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وبذلك ظهورا على الأمم في مشارق الأرض ومغاربها وعلت كلمة الله, وظهر دينه على الدين كله. ولم يكن أحد منهم يشتغل بعلم الفلك أو يلتفت إليه. وإنما ظهر الاشتغال بعلم الفلك في زمن المأمون حين عربت كتب الأوائل ومنطق اليونان, فظهر الضعف في المسلمين منذ ذلك الزمان, وما زال الضعف يزداد فيهم شيئا فشيئا بقدر إعراضهم عن الكتاب والسنة وإقبالهم على العلوم المردية المهلكة حتى آل الأمر بكثير منهم إلى الردة والانسلاخ من دين الإسلام بالكلية, كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه في قوله «إن الناس دخلوا في دين الله أفواجا وسيخرجون منه أفواجا» رواه الإمام أحمد من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
وروى الحاكم في مستدركه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه وقال الحاكم صحيح الإسناد ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وقد تقدم في أول الكتاب كلام شيخ الإسلام أبي العباس بن تيمية في المأمون بسبب ما أدخله على هذه الأمة من العلوم الفلسفية. وكلام الذهبي والمقريزي في ذلك أيضا, فليراجع فإنه حسن جدا.
وإذا علم أن صلاح أول هذه الأمة, إنما كان بالتمسك بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فليعلم أن صلاح آخر هذه الأمة إنما يكون بذلك. والله المسؤول المرجو الإجابة أن يصلح أحوال المسلمين, وأن يرزقهم الرجوع إلى ما كان عليه أول هذه الأمة, وأن ينصر دينه, ويعلي كلمته, ويظهر دينه على الدين كله ولو كره المشركون.