بوجه من الوجوه, وإنما فيه إعانة على بث الباطل وإظهاره.
الوجه الثاني: أن الصواف ليس عنده تمييز بين الحق والباطل, فلهذا زعم أنه يساهم بالأباطيل التي جمعها في بث الوعي الإسلامي, وهذا من عجيب أمره حيث قلب الحقيقة وعكس القضية؛ لأنه على الحقيقة إنما ساهم في بث الباطل وادحاض الحق كما لا يخفى على من نور الله قلبه بنور العلم والإيمان.
الوجه الثالث: أن يقال: ليس في كتاب الصواف شيء من أضواء العلم النافع, وإنما هو مملوء من التخرصات والظنون الكاذبة التي هي في الحقيقة ظلمات بعضها فوق بعض, وقد ذكرت قريبا نماذج مما فيه من السخافات والأقوال البشعة, فلتراجع.
الوجه الرابع: أن علم الفلك ليس بعلم خطير, كما زعمه الصواف, ولو كان خطيرا لما أهمله الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين, فإنهم كانوا أسبق إلى الخير والعلوم النافعة ممن جاء بعدهم. وكذلك التابعون وتابعوهم بإحسان وأئمة العلم والهدى من بعدهم, فإنهم كانوا أحرص على تحصيل العلوم النافعة ممن كان بعدهم. ولكنه علم لا يخلو في الغالب من تعاطي علم الغيب, وما كان كذلك, فهو علم مرد مهلك. وما سلم منه من تعاطى علم الغيب؛ فهو علم كثير العناء قليل الجدوى.
ومن زعم أن علم الفلك علم خطير, فهو من أجهل الناس وأقلهم تمييزا بين العلوم النافعة وغير النافعة.
الوجه الخامس: أن العلماء الأعلام من المسلمين لم يكونوا يشتغلون بعلم الفلك كما زعمه الصواف, وإنما كان يشتغل به الفلاسفة والمنجمون الذين هم من أبعد الناس عن العلوم الشرعية النافعة. وهذا كان في الأزمان السابعة, فأما في