عن الأمور الكونية لم يرد ليعلم الإنسان علم الطبيعة. وإنما ورد ليلفت نظر الإنسان إلى ما في آيات الله الكونية من دلائل قاطعة وحجج دامغة على توحيد الله تعالى والبعث بعد الموت.
والجواب أن يقال: إن الله تبارك وتعالى هو الذي خلق العالم كله علويه وسفليه وأودع فيه من عجائب قدرته وبديع إتقانه ما أودع, وليس شيء من ذلك من فعل الطبيعة كما يزعمه أهل الجهل بالله. وإذا لم يكن شيء من ذلك من فعل الطبيعة, فأي بعلم يتعلق بها أو ينسب إليها.
والذي ورد في كتاب الله تعالى عن الأمور الكونية كله حق يجب الإيمان به واعتقاد أنه هو الحق وما خالفه فهو باطل.
وبما ورد في كتاب الله تعالى عن الأمور الكونية يستدل المسلم على عظمة الخالق جل جلاله وعظيم إنعامه على خلقه حيث سخر لهم ما في السموات وما في الأرض. ومن ذلك تسخيره للشمس والقمر يجريان دائبين لقيام معايش العباد ومصالحهم.
وقد جعل المودودي هذه المقدمة التي ذكرنا عنه تمهيداً لمنع الاستدلال على جريان الشمس ودورانها حول الأرض بالآيات التي فيها النص على جريانها وطلوعها ودلوكها وتزاورها وغروبها, وأن الله يأتي بها من المشرق, وأنها تجري لمستقرها الذي أخبر عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح عن أبي ذر رضي الله عنه؛ لمنع الاستدلال أيضا على سكون الأرض وثباتها بما أخبر الله به من إلقاء الرواسي فيها, وجعلها أوتادا لها, وهذا خطأ كبير. وكيف يترك الاستدلال بكلام الله تعالى على جريان الشمس حول الأرض ويستدل بتخرصات