وأما ما يزعمه أهل المركبات الفضائية أنهم شاهدوا دوران الأرض من مركباتهم فذلك إنما يخيل إليهم من سرعة سير المركبات لا من سير الأرض كما أن راكب المراكب السريعة في الأرض يخيل إليه أن ما حوله من الأشجار والأحجار يسير وهو في الحقيقة ثابت في موضعه فذلك راكب المركبات الفضائية يخيل إليه أن الأرض تسير وإنما ذلك من سرعة سير المركبة التي هو فيها.
وأما تصويرهم لسير الأرض وعرض ذلك في التليفزيون والسينما, فذلك من مخرقتهم وتدجيلهم على ضعفاء البصيرة. ولا يغتر بذلك ويصدق به إلا جاهل لا عقل له.
وأما قوله: إن دوران الأرض مقطوع به, وأنه صار معلوما علما ضروريا.
فجوابه أن يقال: بل الأمر في الحقيقة بخلاف ما زعمه الطنطاوي, فإن سكون الأرض وثباتها هو المقطوع به عند المتمسكين بالكتاب والسنة لما قام على ذلك من الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة والإجماع والمعقول الصحيح. وقد ذكرت ذلك مستوفى في أول الصواعق الشديدة, فليراجع هناك.
وزعم الطنطاوي أن دوران الأرض قد صار معلوما علما ضروريا, إنما هو مبني على ما زعمه أهل المركبات الفضائية أنهم شاهدوا ذلك, فهذا هو عمدته فيما زعمه من العلم الضروري. ولما كان هذا مبلغ علمه وأن اعتماده إنما كان على ما يخيل إليه في التليفزيون والسينما من مخرقة أعداء الله وتدجيلهم تبين أنه ليس عنده علم يميز به بين ما يسمى علما وبين المخرقة والتخييلات الكاذبة فضلا عن التمييز بين العلم الضروري وغير الضروري.