للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦ - ولذلك فإن جنس البدعة أعظم من جنس المعصية، ذلك أن (فتنة المبتدع في أصل الدين، وفتنة المذنب في الشهوة) (١)، وهذا كله إنما يطرد ويستقيم إذا لم يقترن بأحدهما قرائن وأحوال تنقله عن رتبته.

ومن الأمثلة على هذه القرائن والأحوال: أن المخالفة - معصية كانت أو ... بدعة - تعظم رتبتها إذا اقترن بها المداومة والإصرار عليها أو الاستخفاف بها أو استحلالها أو المجاهرة بها أو الدعوة إليها ويقل خطرها إذا اقترن بها التستر والاستخفاء أو عدم الإصرار عليها أو الندم والرجوع عنها.

ومن الأمثلة على هذه القرائن أيضًا: أن المخالفة في ذاتها تعظم رتبتها بعظم المفسدة، فما كانت مفسدته ترجع إلى كلي في الدين فهو أعظم مما كانت مفسدته ترجع إلى جزئي فيه، وكذلك: ما كانت مفسدته متعلقة بالدين فإنه أعظم مما كانت مفسدته متعلقة بالنفس.

والحاصل أن الموازنة بين البدع والمعاصي لا بد فيها من مراعاة الحال والمقام، واعتبار المصالح والمفاسد، والنظر إلى مآلات الأمور؛ فإن التنبيه على خطورة البدع والمبالغة في تعظيم


(١) الجواب الكافي (٥٨)، وانظر مجموع الفتاوى (٢٠/ ١٠٣).

<<  <   >  >>