للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إن هذه المصالح المترتبة على هذا الابتداع ينظر فيها: هل كانت موجودة زمن التشريع أوْ لم تكن موجودة؟

والقاعدة الجارية: أن كل ما ظهرت مصلحته زمن التشريع لكنه لم يُفعل، ففعله فيما بعد بدعة محدثة (١).

يدل على هذا قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لما رأى أناسًا يسبحون بالحصى: (والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحوا باب ضلالة) (٢).

ولعل هذا السؤال وجوابه يتضح بالمثال الآتي (٣):

إمام مسجد يقوم بعد الفراغ من الصلاة المفروضة بالدعاء للناس بهيئة اجتماعية، بحيث يُؤمِّن الحاضرون على هذا الدعاء.

قال السائل: هذا العمل وإن لم ينقل ففيه من المصالح والفوائد ما يأتي:

الفائدة الأولى: إظهار وجه التشريع في الدعاء، وأنه بآثار الصلوات مطلوب.

والجواب: أن هذا يقتضي كون الدعاء سنة بآثار الصلوات، وليس بسنة اتفاقًا حتى عند هذا القائل، وأيضًا فإن إظهار التشريع كان في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى، ولما لم يفعله - صلى الله عليه وسلم - دل على مشروعية الترك.


(١) انظر الاعتصام (١/ ٣٦٣، ٣٦٤).
(٢) أخرجه الدارمي في سننه (١/ ٦٨) وقد تقدم.
(٣) انظر الاعتصام (١/ ٣٦٥ - ٣٦٨).

<<  <   >  >>