الفائدة الثانية: أن الاجتماع على الدعاء أقرب إلى الإجابة.
والجواب: أن هذه العلة كانت قائمة في زمانه - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان مجاب الدعوة، لكنه لم يفعل هذا الاجتماع.
الفائدة الثالثة: تعليم الناس الدعاء؛ ليأخذوا من دعاء الإمام ما يدعون به لأنفسهم؛ لئلا يدعو بما لا يجوز عقلاً أو شرعًا.
والجواب: أن هذا التعليل لا ينهض؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي تلقينا منه ألفاظ الأدعية ومعانيها، وقد كان الناس في زمنه - صلى الله عليه وسلم - أقرب عهد بجاهلية، فلم يشرع لهم - صلى الله عليه وسلم - الدعاء بهيئة الاجتماع ليعلمهم كيفية الدعاء، بل علمهم ذلك في مجالس التعليم، وكان - صلى الله عليه وسلم - يدعو لنفسه إثر الصلاة متى بدا له ذلك، ولم يلتفت إذ ذاك إلى النظر للجماعة، وهو أولى الخلق بذلك.
الفائدة الرابعة: أن الاجتماع على الدعاء تعاونًا على البر والتقوى، وهو مأمور به.
والجواب: أن هذا التعليل ضعيف؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أُنزل عليه {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} ولو كان الاجتماع للدعاء للحاضرين إثر الصلاة جهرًا من باب البر والتقوى لكان - صلى الله عليه وسلم - أول سابق إليه، لكنه لم يفعله أصلاً، ولا أحد بعده حتى أحدثه المتأخرون، فدل على أن الدعاء على ذلك الوجه ليس بِرًّا وتقوى.