وبهذا المثال يتبين أن العمل بالترك - بشقيه: ترك الرسول - صلى الله عليه وسلم - وترك السلف - أصل مقدم على كل ما يبديه المُحْدِث من المصالح والفوائد الحاصلة بهذه العبادة التي تركها النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ثم إن هذه المصالح والمنافع التي قد توجد في بعض الأمور البدعية لا تدل على رجحان العمل بالبدعة؛ لأنها مصالح مرجوحة بالنظر إلى ما يترتب على البدع من مفاسد اعتقادية وعملية.
السؤال الثامن:
سلَّمنا أن التقرب إلى الله بهذا الفعل بدعة ضلالة، لكن هذا بشرط أن يعتقد فاعله خصوص الفضل (١).
مثال ذلك: أن يخصص أحدهم ليلة ما من الليالي بالقيام والذكر فيقول: إن الصلاة في هذه الليلة كغيرها من الليالي، وأنا لا أعتقد لهذه الليلة الفضل أو الخصوصية.
والجواب: أن هذه الدعوى لا تستقيم؛ فإن تخصيص تلك الليلة بالصلاة دون غيرها من الليالي لا بد أن يكون باعثه اعتقادًا في القلب، فيوجد حينئذٍ مع هذا التخصيص - ولا بد - تعظيم وإجلال في النفس لهذه الليلة، ولو خلت النفس عن هذا الشعور بفضل تلك الليلة لامتنع مع ذلك أن تعظمه.