غَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِمْ أَيْضًا فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى مَنْ خَالَفَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ الْمُسْتَفِيضَةَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمِ إِنَّ مَنْ صَادَ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ أَوْ قَطَعَ مِنْ شَجَرِهَا أُخِذَ سَلَبُهُ وَبِهَذَا قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ بَعْدَ الصَّحَابَةِ إِلَّا الشَّافِعِيَّ فِي قَوْلِهِ الْقَدِيمِ وَخَالَفَهُ أَئِمَّةُ الْأَمْصَارِ قُلْتُ وَلَا تَضُرُّ مُخَالَفَتُهُمْ إِذَا كَانَتِ السُّنَّةُ مَعَهُ وَهَذَا الْقَوْلُ الْقَدِيمُ هُوَ الْمُخْتَارُ لِثُبُوتِ الْحَدِيثِ فِيهِ وَعَمَلِ الصَّحَابَةِ عَلَى وَفْقِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ دَافِعٌ قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِذَا قُلْنَا بِالْقَدِيمِ فَفِي كَيْفِيَّةِ الضَّمَانِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَضْمَنُ الصَّيْدَ وَالشَّجَرَ وَالْكَلَأَ كَضَمَانِ حَرَمِ مَكَّةَ وَأَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ جُمْهُورُ الْمُفَرِّعِينَ عَلَى هَذَا الْقَدِيمِ أَنَّهُ يُسْلَبُ الصَّائِدُ وَقَاطِعُ الشَّجَرِ وَالْكَلَأِ وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالسَّلَبِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ثِيَابُهُ فَقَطْ وَأَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ كَسَلَبِ الْقَتِيلِ مِنَ الْكُفَّارِ فَيَدْخُلُ فِيهِ فَرَسُهُ وَسِلَاحُهُ وَنَفَقَتُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَدْخُلُ فِي سَلَبِ الْقَتِيلِ وَفِي مَصْرِفِ السَّلَبِ ثلاثة أوجه لأصحابنا أصحهما أَنَّهُ لِلسَّالِبِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِحَدِيثِ سَعْدٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ لِمَسَاكِينِ الْمَدِينَةِ وَالثَّالِثُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَإِذَا سَلَبَ أَخَذَ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ إِلَّا سَاتِرَ الْعَوْرَةِ وَقِيلَ يُؤْخَذُ سَاتِرُ الْعَوْرَةِ أَيْضًا قَالَ أَصْحَابُنَا وَيُسْلَبُ بِمُجَرَّدِ الِاصْطِيَادِ سَوَاءٌ أَتْلَفَ الصَّيْدَ أَمْ لَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[١٣٦٥] قَوْلُهُ (حَتَّى إِذَا بداله أُحُدٌ قَالَ هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ) الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ أُحُدًا يُحِبُّنَا حَقِيقَةً جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ تَمْيِيزًا يُحِبُّ بِهِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute