من خشية الله وَكَمَا حَنَّ الْجِذْعُ الْيَابِسُ وَكَمَا سَبَّحَ الْحَصَى وَكَمَا فَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَمَا قَالَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ وَكَمَا دَعَا الشَّجَرَتَيْنِ الْمُفْتَرِقَتَيْنِ فَاجْتَمَعَا وَكَمَا رَجَفَ حِرَاءٌ فَقَالَ اسْكُنْ حِرَاءُ فَلَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ الْحَدِيثَ وَكَمَا كَلَّمَهُ ذِرَاعُ الشَّاةِ وَكَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تفقهون تسبيحهم وَالصَّحِيحُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُسَبِّحُ حَقِيقَةً بِحَسَبِ حَالِهِ وَلَكِنْ لَا نَفْقَهُهُ وَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ شَوَاهِدُ لِمَا اخْتَرْنَاهُ وَاخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُونَ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ وَأَنَّ أُحُدًا يُحِبُّنَا حَقِيقَةً وَقِيلَ الْمُرَادُ يُحِبُّنَا أَهْلُهُ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[١٣٦٦] قَوْلُهُ (مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ مَنْ أَتَى فِيهَا إِثْمًا أَوْ آوَى مَنْ أَتَاهُ وَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَحَمَاهُ قَالَ وَيُقَالُ أَوَى وَآوَى بِالْقَصْرِ وَالْمَدِّ فِي الْفِعْلِ اللَّازِمِ وَالْمُتَعَدِّي جَمِيعًا لَكِنَّ الْقَصْرَ فِي اللَّازِمِ أَشْهَرُ وَأَفْصَحُ وَالْمَدُّ فِي الْمُتَعَدِّي أَشْهَرُ وَأَفْصَحُ قُلْتُ وَبِالْأَفْصَحِ جَاءَ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصخرة وقال في المتعدى وآويناهما إلى ربوة قَالَ الْقَاضِي وَلَمْ يُرْوَ هَذَا الْحَرْفُ إِلَّا مُحْدِثًا بِكَسْرِ الدَّالِ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ الْإِمَامُ الْمَازِرِيُّ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ كَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا قَالَ فَمَنْ فَتَحَ أَرَادَ الْإِحْدَاثَ نَفْسَهُ وَمَنْ كَسَرَ أَرَادَ فَاعِلَ الْحَدَثِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ إِلَى آخِرِهِ هَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ لِمَنِ ارْتَكَبَ هَذَا قَالَ الْقَاضِي وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْكَبَائِرِ لِأَنَّ اللَّعْنَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي كَبِيرَةٍ وَمَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَلْعَنُهُ وَكَذَا يَلْعَنُهُ الْمَلَائِكَةُ وَالنَّاسُ أَجْمَعُونَ وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي إِبْعَادِهِ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ اللَّعْنَ فِي اللُّغَةِ هُوَ الطَّرْدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute