بَاب لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ وَاسْتِحْبَابِ التَّدَاوِي
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[٢٢٠٤] (لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فاذا أصيب دواء الداء بريء بِإِذْنِ اللَّهِ) الدَّوَاءُ بِفَتْحِ الدَّالِ مَمْدُودٌ وَحَكَى جَمَاعَاتٌ مِنْهُمُ الْجَوْهَرِيُّ فِيهِ لُغَةً بِكَسْرِ الدَّالِ قال القاضي هي لغة الكلابيين وهو شاذوفى هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى اسْتِحْبَابِ الدَّوَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا وَجُمْهُورِ السَّلَفِ وَعَامَّةِ الْخَلْفِ قَالَ الْقَاضِي فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ جُمَلٌ مِنْ عُلُومِ الدين والدنيا وصحة علم الطب وجواز التطيب فِي الْجُمْلَةِ وَاسْتِحْبَابُهُ بِالْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ وَفِيهَا رَدٌّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ التَّدَاوِيَ مِنْ غُلَاةِ الصُّوفِيَّةِ وَقَالَ كل شيء بقضاء وقدر فلاحاجة إِلَى التَّدَاوِي وَحُجَّةُ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْفَاعِلُ وَأَنَّ التَّدَاوِيَ هُوَ أَيْضًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ وَهَذَا كَالْأَمْرِ بالدعاء وكالأمر بقتال الكفار وبالتحصن ومجانية الْإِلْقَاءِ بِالْيَدِ إِلَى التَّهْلُكَةِ مَعَ أَنَّ الْأَجَلَ لايتغير والمقادير لاتتأخر ولا تتقدم عن أوقاتها ولابد مِنْ وُقُوعِ الْمُقَدَّرَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ ذَكَرَ مُسْلِمٌ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الْكَثِيرَةَ فِي الطِّبِّ وَالْعِلَاجِ وَقَدِ اعْتَرَضَ فِي بَعْضِهَا مَنْ فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ فَقَالَ الْأَطِبَّاءُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الْعَسَلَ مُسَهِّلٌ فَكَيْفَ يُوصَفُ لِمَنْ بِهِ الْإِسْهَالُ وَمُجْمِعُونَ أَيْضًا أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمَحْمُومِ الْمَاءَ الْبَارِدَ مُخَاطَرَةٌ قَرِيبٌ مِنَ الْهَلَاكِ لِأَنَّهُ يُجَمِّعُ الْمَسَامَّ وَيَحْقِنُ الْبُخَارَ وَيَعْكِسُ الْحَرَارَةَ إِلَى دَاخِلِ الْجِسْمِ فَيَكُونُ سَبَبًا لِلتَّلَفِ وينكرو أيضا مداواة ذات الجنب بالقسط مع مافيه مِنَ الْحَرَارَةِ الشَّدِيدَةِ وَيَرَوْنَ ذَلِكَ خَطَرًا قَالَ المازرى وهذا الذى قال هَذَا الْمُعْتَرِضُ جَهَالَةٌ بَيِّنَةٌ وَهُوَ فِيهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يحيطوا بعلمه وَنَحْنُ نَشْرَحُ الْأَحَادِيثَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَنَقُولُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute