وَسَلَّمَ (لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرِئَ بِإِذْنِ اللَّهِ) فَهَذَا فِيهِ بَيَانٌ واضح لأنه قد علم أن الأطباء يقولونالمرض هُوَ خُرُوجُ الْجِسْمِ عَنِ الْمَجْرَى الطَّبِيعِيِّ وَالْمُدَاوَاةُ رَدُّهُ إِلَيْهِ وَحِفْظُ الصِّحَّةِ بَقَاؤُهُ عَلَيْهِ فَحِفْظُهَا يَكُونُ بِإِصْلَاحِ الْأَغْذِيَةِ وَغَيْرِهَا وَرَدُّهُ يَكُونُ بِالْمُوَافِقِ مِنَ الْأَدْوِيَةِ الْمُضَادَّةِ لِلْمَرَضِ وَبُقْرَاطُ يَقُولُ الْأَشْيَاءُ تُدَاوَى بِأَضْدَادِهَا وَلَكِنْ قَدْ يَدِقُّ وَيَغْمُضُ حَقِيقَةُ الْمَرَضِ وَحَقِيقَةُ طَبْعِ الدَّوَاءِ فَيَقِلُّ الثِّقَةُ بِالْمُضَادَّةِ ومن ها هنا يَقَعُ الْخَطَأُ مِنَ الطَّبِيبِ فَقَطْ فَقَدْ يَظُنُّ الْعِلَّةَ عَنْ مَادَّةٍ حَارَّةٍ فَيَكُونُ عَنْ غَيْرِ مَادَّةٍ أَوْ عَنْ مَادَّةٍ بَارِدَةٍ أَوْ عَنْ مادة حارة دون الحرارة التى ظنها فلايحصل الشِّفَاءُ فَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبَّهَ بآخر كلامه على ماقد يُعَارَضُ بِهِ أَوَّلُهُ فَيُقَالُ قُلْتُ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ وَنَحْنُ نَجِدُ كَثِيرِينَ مِنَ الْمَرْضَى يُدَاوُونَ فَلَا يَبْرَءُونَ فَقَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ لِفَقْدِ الْعِلْمِ بحقيقة المداواة لالفقد الدواء وهذا واضح والله أعلم وأما الحديث الآخر وهو قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةٍ مِنْ عَسَلٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ) فَهَذَا مِنْ بَدِيعِ الطِّبِّ عِنْدَ أَهْلِهِ لِأَنَّ الْأَمْرَاضَ الْامْتِلَائِيَّةَ دَمَوِيَّةٌ أَوْ صَفْرَاوِيَّةٌ أَوْ سَوْدَاوِيَّةٌ أَوْ بَلْغَمِيَّةٌ فَإِنْ كَانَتْ دَمَوِيَّةً فَشِفَاؤُهَا إِخْرَاجُ الدَّمِ وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ فَشِفَاؤُهَا بِالْإِسْهَالِ بِالْمُسَهِّلِ اللَّائِقِ لِكُلِّ خَلْطٍ مِنْهَا فَكَأَنَّهُ نَبَّهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَسَلِ عَلَى الْمُسَهِّلَاتِ وَبِالْحِجَامَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute