وصفة السفل صفة نقص والله - تعالى - مُنَزَّه عن كل نقص.
ودلَّت الفطرة أيضًا على علو الله - تعالى - دلالة ضرورية فطرية، فما من داعٍ أو خائف إلا فزع إلى ربه - تعالى - نحو السماء لا يلتفت عنه يَمنه ولا يسرة، والمسلمون في سجودهم يقول القائل منهم: سبحان ربي الأعلى، فلا يَجد من قلبه إلاَّ الاتجاه نحو السماء.
وقد أجمعَ سلف الأمة وأئمتها على ما اقتضته هذه الأدلة من علو الله - تعالى - بذاته وصفاته، ولم يُخالف في ذلك إلاَّ مَن اجتالته الشياطين من الحلولية من قدماء الجهمية وغيرهم، أو مَن سلكوا سبيل التعطيل المحض في هذا الباب، فقالوا: إنَّه ليس داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته، ولا متصلاً بالعالم ولا منفصلاً عنه، وقد قال بعض العلماء: لو قيل: صفوا الله بالعدم ما كان أبلغ لوصفه بذلك من هذا القول، تعالى الله عنه عُلُوًّا كبيرًا.
واستواء الله - تعالى - على عرشه بذاته حقيقة هو عُلُو الله علوًّا خاصًّا يليق بجلاله وعظمته، وفيه عن السلف أربعة معانٍ، هذا أحدها، والثاني الصُّعود، والثالث الارتفاع، والرابع الاستقرار، وكلُّها حق لا تناقض بينها، ولا تنافي ما يَجب لله - تعالى - من الكمال.