هذه الامتحانات إلا على قوة الذاكرة، وشدة الحفظ، وإتقان المنهج المقرر؟
* * *
نجح، فوثب فرحاً، وتهيأ لخوض معركة الحياة، فقالوا له: مهلاً! قال: ماذا؟ قالوا: لا بدّ من شهادة عالية؛ إن المستقبل لا يُضمن إلاّ بشهادة عالية.
قال: ويحكم! وهل يُبنى المستقبل على «الورق»؟
وانطلق يلعن هذا المستقبل الذي حرَمه عبث الطفولة ومتعة الشباب، ونغّص عليه حياته ولم يتركه يستريح إلى حاضره يوماً واحداً. كان -أبداً- يدفعه إلى الأمام، فيعدو كالفرس المحموم، فيتعب من العدو ولا يصل إلى منزل!
-٦ -
راح الشاب يدرس الحقوق لينال الشهادة ويضمن المستقبل، ويشتغل بالأدب ليستجيب للرغبة ويحظى بالمتعة، ويعمل في الجريدة ليضمن العيش ويعول الأسرة ... واستمر على ذلك حتى نال «الليسانس».
فربح بقربه من الأدب البعدَ عن الناس والجهلَ بالحياة، وكسب بميله الأدبي وطبعه المستوحش وجهله بالحياة خصومةَ الحكام ومضادّةَ الكبراء وعداوة المال!