الكبير، والمدير والوزير ... ولكن قلبي سيتبعكم، وحياتي ستمتد فيكم، ومبادئي ستبقى في قلوبكم لا تستطيعون أن تتناسوها، وكلماتي سترنّ في آذانكم لا تقدرون أن تتغافلوا عنها، وستسمعونها تدعوكم باسم الواجب في ساعات الهوى، وباسم الحق في جولة الباطل، وباسم الفضيلة في غمار اللذة. فطوبى لمَن لبّى وسمع واستجاب، وويلٌ لمن نسي وأنكر وأعرض واستكبر!
إنني لقّنتكم مبادئ الحق والفضيلة، ولكنكم ستجدون في تطبيقها عناءً كبيراً، ستجدون أول خصومها معلّميكم في المدرسة وأهليكم في البيت ورفاقكم في الطريق، فالسعيد السعيد من ثبت على الحق وأوذي في سبيله، والبطل من درأ بصدره السهام عن أمته وأطفأ بدمه النار التي تحرق وطنه. إن في أمتكم طاعوناً أخلاقياً مروعاً أصيبت به منذ خمسمئة سنة فذلّت واستكانت وفقدت عزتها وصبرها وقوتها، وقد جاء الوقت الذي تبرأ فيه الأمة. إنها لن تبرأ إلا على أيديكم.
لقد دللتكم على الطريق ووضعت في أيديكم مفتاح النجاح، فعلّمتكم فضائلي كلها مع ما عرفت من فضائل، وجنّبتكم نقائصي كلها مع ما عرفت من نقائص، فاحترمتكم لتحترموني، وأخطأت أمامكم لتردّوني، ورجعت عن خطئي لتتعلموا مني، وأنصفتكم من نفسي لتُنصفوا الناس من نفوسكم، وعلّمتكم معارضتي إذا جِرتُ لتتعلموا المعارضة لكل جائر ... ولم آتِ في ذلك بدعاً؛ فهذه مبادئ الإسلام الذي علمتكم اتباع سبيله والوقوف عند أمره ونهيه، والفخر به والجهر باتّباع شعائره، وربيتكم على الطاعة في غير ذل والعزة في غير كِبر، والتعاون على الخير، والثبات على