فبين جملة «أعوذ بربي أن يضام نظيري» وجملة «يقولون إني أحمل الضيم عندهم» شبه كمال الاتصال، لأن الثانية جواب عن سؤال نشأ من الأولى، فكأن الشاعر بعد أن أتى بالشطر الأولى من البيت أحس أن سائلا يقول له:«وهل ما يقولونه من أنك تتحمل الضيم صحيح؟» فأجاب بالشطر الثاني.
ففي هذين المثالين نرى أن الجملة الثانية في كليهما مفصولة من الأولى، ولا سبب لهذا الفصل إلا قوة الرابطة المعنوية بين الجملتين، فإن الجواب شديد الارتباط بالسؤال، فأشبهت الحال هنا من بعض الوجوه حال «كمال الاتصال» السابقة الذكر. ومن أجل ذلك يقال إن بين الجملتين «شبه كمال الاتصال».
...
تلك هي مواضع الفصل الثلاثة بين الجمل في الكلام، وفيما يلي تجميع للقواعد التي تحكمها.
أ- الوصل عطف جملة على أخرى بالواو، والفصل ترك هذا العطف.
ب- يجب الفصل بين الجملتين في ثلاثة مواضع:
١ - أن يكون بين الجملتين اتحاد تام، وذلك بأن تكون الجملة الثانية توكيدا للأولى، أو بيانا لها، أو بدلا منها. وفي هذه الأحوال الثلاثة يقال إن موجب الفصل بين الجملتين هو «كمال الاتصال».
٢ - أن يكون بين الجملتين تباين تام، وذلك بأن يختلفا خبرا وإنشاء، أو بألا تكون بينهما أي مناسبة معنوية. وفي
هاتين الحالتين يقال إن موجب الفصل بين الجملتين هو «كمال الانقطاع».
٣ - أن تكون الجملة الثانية جوابا عن سؤال يفهم من الأولى.
وفي هذه الحالة يقال إن موجب الفصل بين الجملتين هو «شبه كمال الاتصال».