هذه الفنون جديرة بالإجلال والتقدير, قال صاحب (إشارة التعيين) في حق ابن الخباز «وجلس مكان شيخه يقرئ النحو واللغة والعروض والقوافي والفرائض والحساب, وتزاحم الناس عليه, ولم ير في زمانه أسرع حفظًا منه».
وقال السيوطي: وكان أستاذًا بارعًا علامة زمانه في النحو واللغة, والفقه والعروض والفرائض» وقال ابن تغرى بردي مشيدًا بابن الخباز: «كان إمامًا بارعًا مفتيًا عالمًا بالنحو واللغة والأدب» وقال شهاب الملة والدين الدلجي في الحديث عن ابن الخباز: «أنه كان من علماء النحو وفرسانه, أدبيًا لطيف الروح عذب العبارة».
ومما يبرز لنا مقدرته العلمية أنه أملى كتابه «توجيه اللمع» من محفوظه, ولم يستعن في مدة إملائه عليه بمطالعة كتاب» فالسيوطي قد وصفه بالأستاذية وهي لقب علمي مرموق, ووصفه كذلك بالبراعة, وهي صفة تشير إلى مدى رسوخ قدمه وطول باعه وقال: إنه علامة زمانه, وابن تغرى بردي خلع عليه وصفي الإمامة والبراعة, والدلجي وصفه بأنه فارس من فرسان النحو, وأجدر بمن يوسم بكل هذه السمات ويوصف بكل تلك الصفات, أن يكون علامة عصره وإمام دهره ذا علم جم وأدب رفيع وذكاء خارق وعقل راجح وحافظة قوية.
***
شخصيته وأمانته العلمية:
تبدو شخصية ابن الخباز واضحة في ثنايا كتابه «توجيه اللمع» وذلك بما يسوق من تعليل للأحكام النحوية وبما يستدركه على ابن جني من أمور, وهاتان الناحيتان سوف نتكلم عنهما فيما بعد, وتبدو شخصيته كذلك بتعقيبه على النحاة مبينًا صحتها أو بطلانها, وتتضح كذلك في طريقة عرضه للمادة العلمية, وذلك بما يبرزه لنا من تقسيم للقضايا وتفريع للمسائل, فتبدو واضحة المعالم سهلة التناول, مما ييسر على الباحث استيعابها وضبطها.
وكان لديه أمانة عليمة, فغالبًا ما ينسب الآراء إلى أصحابها والنقول إلى ذويها.