ثانيًا الكوفيون:
أما الكوفيون فقد كان ابن الخباز يذكر رأيهم في المسائل الخلافية, وبناقشه مناقشة حرة, بعيدة عن العصبية الممقوتة التي تجافي العلم, ولا تتفق وطبع العلماء. علمًا بأن ميله إلى المذهب البصري كان واضحًا, لكن ولاءه للمدرسة البصرية لم يمنعه من عرض آراء رجل المدرسة الكوفية, وبيان موقفهم من قضايا النحو المختلفة, مما يشعر بأنه قرأ كتبهم وتفهم أسرارها بدقة, وكان رحمه الله ذا عقلية ناقدة فاحصة, فكان يقبل ما يراه صحيحًا- وإن كان من غير المدرسة التي ينتمي إليها - ويرد ما يراه فاسدًا - وإن كان من رجال مدرسته - ومن الكوفيين الذين ذكر لهم آراء فردية الكسائي وثعلب والفراء.
ثالثًا: البغداديون ومن تلاهم:
وهم من استفاد ابن الخباز من آرائهم أو كتبهم ولم يشملهم إصطلاح بصري أو كوفي, وقد كونوا لهم آراء خاصة بهم في المسائل النحوية, تتفق أو تختلف عن مذهب المدرستين التقليديتين: البصرية, والكوفية, وفي مقدمة من استفاد منهم من رجال هذه المدرسة: أبو سعيد السيرافي وأبو علي الفارسي فآراؤهما تنتشر في كتابه بكثرة, ومن هؤلاء أيضًا: الزجاج وابن السراج والزجاجي والزمخشري والرماني, وابن الدهان وغيرهم, ولست أراني بحاجة إلى ذكر النماذج هنا لكثرتها ووضحوها في كتابه.
توثيق نسبة كتاب «توجيه اللمع» إلى ابن الخباز:
يمكن أن نثبت بما لا يدع مجالًا للشك - أن كتاب «توجيه اللمع» لأحمد بن الحسين المعروف بابن الخباز بثلاثة أدلة:
الأول: إشارة كتب التراجم إلى أن لابن الخباز شرحًا على كتاب «اللمع» لابن جني ومن هذه الكتب معجم المؤلفين, وهدية العارفين, وكشف الظنون.
الثاني: اتفاق كتابي ابن الخباز (توجيه اللمع) و (الغرة المخفية) في الأسلوب وعرض بعض المسائل التي ينقلها العلماء منسوبة لابن الخباز كقول السيوطي في (الأشباه والنظائر) (٢/ ١٤): قال ابن الخباز في شرح (الدرة الألفية): الحروف العاملة أربعة أقسام: قسم يرفع وينصب, وهو أن وأخواتها, ولا المشبهة بأن وما ولا المشبهات بليس, وقسم ينصب فقط, وذلك حروف النداء ونواصب الفعل المضارع ... وقسم يجر فقط