قال ابن جني: وجواب الشرط على ضربين: الفعل, والفاء, فإذا كان الجواب فعلًا: كان مجزومًا على ما تقدم, نحو قولك: إن تذهب أذهب معك. وأما الفاء فيرفع بعدها الفعل, وذلك نحو قول الله عز وجل: {ومن عاد فينتقم الله منه} وقال تعالى: {فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسًا ولا رهقًا} وإنما جيء بالفاء في جواب الشرط توصلًا إلى المجازاة بالجملة المركبة من المبتدأ والخبر.
وقد حذف / الشرط, وأقيمت أشياء مقامه دالة عليه, وتلك الأِياء: ٣٦/ب الأمر, والنهي, والاستفهام, والتمني, والدعاء, والعرض. تقول في الأمر: زرني أزرك. وفي التمني: ليت لي مالًا أنفقه. وفي الدعاء: اللهم ارزقني بعيرًا أحد عليه. وفي العرض: ألا تنزل تصب خيرًا, تجزم هذا كله, لأن فيه معنى الشرط, ألا ترى أن المعنى: زرني فإنك إن تزرني أزرك قال الله عز وجل: {فهب لي من لدنك وليًا * يرثني ويرث من آل يعقوب} يقرأ جزمًا ورفعًا يرثني ويرقني, فمن جزم, فلأنه جواب الدعاء, ومن رفع, جعله وصفًا لولي كأنه قال: وليًا وارثًا.
ــ
قال ابن الخباز: وجواب الشرط على ثلاثة أضرب: الأول: الفعل, وللشرط والجزاء من ذلك أربع صور: الأولى: أن يكونا مضارعين فلابد من الجزم كقولك: إن تذهب أذهب معك. وإنما وجب الجزم, لأن العامل دخل على ما يقبل عمله ولا مانع فيه, فجزم كحرف الجر إذا دخل على الاسم الصحيح المنصرف.
الثانية: أن يكونا ماضيين كقولك: إن قام زيد جلس عمرو, ولا يستبين فيهما الإعراب, لأن المضاي مبني وهما في الموضع مجزومان بمنزلة الاسم المبني إذا دخل حرف الجر عليه كقوله تعالى: {لله الأمر من قبل ومن بعد}.
الثالثة: أن يكون الشرط ماضيًا والجزاء مضارعًا, فالجيد الجزم كقول الفرزدق:
٢٩٢ - دست رسولًا بأن القوم إن قدروا ... عليك يشفوا صدورًا ذات توغير