. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= ولهذه العلة لم يجز جزم جواب النفي, فلا تقول: ما تأتينا تحدثنا, لأن المضمر يكون منفيًا فيصر التقدير: ما تأتينا إن لم تأتينا تحدثنا. وهو محال, لأنه لا حديث إلا بعد إتيان.
وأما النهي فمنه ما يصح جزم جوابه كقولك: لا تسب زيدًا يجببك, وهذا صحيح, لأن التقدير: لا تسب زيدًا إلا تسببه يحببك. ومنها مالا يصح جزم جوابه كقولك: لا تدن من الأسد ياكلك, وهذا فاسد, لأن التقدير: لا تدن من الأسد إلا تدن منه يأكلك, فقد جعلت بعده من الأسد سبب أكله, فإن أردت الجزم صرحت بالمضمر الموجب فقلت: لا تدن من الأسد, إن تدن منه يأكلك. قال الله تعالى: {وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرًا كفارًا} فصرح بالواجب, لأنه (لو) قال: لا تذر على الأرض من الكافرين ديارًا / يضلوا عبادك, لكان التقدير: إلا ت ذرهم يضلوا ١٢٢/ب عبادك, وهو محال, لأنه إذا لم يذرهم كانوا معدومين, والمعدوم لا يضل ولا يهدي.
ويجوز رفع الفعل, لأنك لم تصرح بالشرط, فالرفع على أحد ثلاثة أوجه:
أحدها: أن ترفع على القطع كقوك: لا تذهب به تغلب عليه, وفيه معنى التعليل. والثاني: أن ترفع على الصفة كقوله تعالى: {فهب لي من لدنك وليًا * يرثني} أي: فهب لي من لدنك وليًا وارثًا.
والثالث: أن ترفع على الحال, أنشد سيبويه للأخطل:
٢٩٧ - كروا إلى حرتيكم تعمرونها ... كما تكر إلى أوطانها البقر
وأما قوله عز وجل: {لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق أكون من الصالحين}