= على الخبر, لأنه خبر صادر عن حيرة, وقالوا: لا يكون التعجب إلا من شيء خفي سببه وظهر على نظرائه. فأما قوله تعالى:{فما أصبرهم على النار} والله عز وجل لا يخفى عليه خافية. فالمعنى: أنهم قد بلغوا من الصبر على النار حالة يتعجب منها, وأنواع مجاز القرآن كثيرة, ومن لم يرمها بعين البصيرة ارتبك في الشك وحام حول الظاهر فأقضى به حيامه إلى الضلال البعيد نعوذ بالله منه. وللتعجب ألفاظ كثيرة, وأشهرها في الاستعمال صيغتان: ما أفعله وأفعل به.
أما ما أفعله: فنحو قولك: ما أحسن زيدًا وما أجمل جعفرًا, وانلظر / هاهنا في ١٢٣/أثلاثة أشياء: الأول: «ما» وهي اسم, والدليل على اسميتها أنها مبتدأة, وهي مبنية, لأنها تضمنت معنى حرف التعجب, واختلف في «ما»: فقال سيبويه: هي نكرة غير موصولة ولا موصوفة, لأن ذلك يناسب التعجب. وقال أبو الحسن: هي موصولة, والفعل الذي بعدها صلتها, وخبرها محذوف تقديره: ما أحسن زيدًا شيء, فعلى هذا بنيت لافتقارها إلى الصلة. وقال الفراء: هي استفهامية, فبناؤها, لأنها تضمنت معنى حرف الاستفهام.
الثاني: أحسن: وهو فعل ماضي, والدليل على أنه فعل اتصال نون الوقاية به كقولك: إذا تعجبت من نفسك: ما أحسنتي. وقال الكوفيون: هيو اسم واستدلوا على ذلك بأن التصغير دخله, قال الشاعر:
٢٩٨ - ياما أميلح غزلانًا شدن لنا ... من هؤليائكن الضال والسمر