= وسألت شيخنا رحمه الله عن علة هذين الحكمين فقال: أما قولهم: نصف فلأن معنى جعل الشيء نصفين أن يقسم قسمين متساويين فقيل لكل قسم: نصف مأخوذ من النصف بمعنى الإنصاف. وأما قولهم: عشرون ولم يقولوا: ثنيون, فلأنهم وضعوا لعشر عشرات مائة كما وضعوا لعشر تسعات تسعين, فلو قالوا ثنيون مكان عشرين لم يكونوا قد بنوا من لفظ العشرة صيغة جمع, فأرادوا أن لا يخلوا بها. فأن قيل: هذه الصيغ تقع على من يعقل وعلى مالا يعقل كقولك: ثلاثون رجلا وثلاثون ثوبًا فكيف جمعت بالواو والنون؟
قلت: ذلك تغليب كقوله تعالى: {والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجليه ومنهم من يمشي على أربع}.
ومميز العدد من العشرين إلى التسعين مفرد كقولك: عشرون رجلًا, وفي التنزيل:{فاجلدوهم ثمانين جلدة} و {سبعين مرة}.
ويجوز حذف المميز إذا دل الدليل عليه, وفي التنزيل:{إن يكن منكم عشرون صابرون} أراد: عشرون رجلًا, فأما قولها:
٣٤٧ - إن حري أضيق من تسعين ... مثل حروف أبلق سمين
فليس على حذف المميز, وإنما أرادت عقد تسعين: وهو أن يعطف رأس السبابة ويجعله بين أصلها وبين أصل الإبهام, ثم يعطف جانب الإبهام على جانب السبابة ولا خفاء في ضيقه.
فإن زدت على العشرين وما بعدها جرى مجره, وهو غير نيف, تقول: أحد وعشرون رجلًا, وإحدى وثلاثون جارية, واثنان وأربعون عبدًا, واثنتان