وإنما لم يسع لإقامة الدولة الإسلامية في مكة لأن أهلها كانوا أهل القوة المادية والنفوذ، وكان المسلمون ضعافا -ماديا- مضطهدين، يفتنون ويعذبون، ولم يكونوا قادرين على رد العدوان بمثله -وإن كانوا يرغبون رغبة شديدة في ذلك- بل نهاهم الله عن قتال المشركين وأمرهم بالكف عن القتال.
وإذا كان كثير من العبادات والمعاملات والحدود وغيرها من الأحكام الشرعية قد تأخر نزول الوحي بها إلى العهد المدني، وكان الاهتمام في العهد المكي بالنواحي الإيمانية والسلوكية وبعض العبادات كالصلاة ونحوها، فإن الدعوة في العهد المكي اهتمت بجانب الاستسلام لله في كل شيء وهو معنى الإسلام ومعنى كلمة التوحيد، وذلك أصل التشريع الإلهي.
ومع ذلك فإن بعض الآيات المكية قد نزلت تنعى على المشركين وتنكر عليهم ما شرعوه لأنفسهم من تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله.