السبب الأول: ما حكاه القرآن الكريم، من الصراع الذي دار بين أهل الحق من الأنبياء والرسل وأتباعهم، وبين أهل الباطل من الأمم السابقة.
إن المتأمل في ذلك الصراع يجد أن أهل الحق يسابقون أهل الباطل إلى عقول الناس بما عندهم من الحق، ويسابقونهم إلى تفريغ تلك العقول من الباطل الذي تمكن من الوصول إليها، ويسابقونهم إلى حمايتها من أن يصل إليها باطل جديد.
وأن أهل الباطل -كذلك- يسابقون أهل الحق إلى عقول الناس بما عندهم من الباطل، ويسابقونهم إلى تثبيت ما استقر منه في تلك العقول، ويسابقونهم إلى حمايتها من الحق الذي لم يصل إليها بعد.
وفي قصص الأنبياء مع أممهم بيان واضح لهذه المعاني، كما سيأتي في فصول الكتاب.
وفي سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وما قام به من تبليغ رسالة الله، وموقف قادة الباطل من ذلك التبليغ أمثلة كثيرة على هذه المعاني لمن تأملها. وكذلك تاريخ أصحابه رضي الله عنهم وما قاموا به من دعوة إلى الله وجهاد في سبيله، وكل من تبعهم على ذلك من أهل الحق، ومواقف طغاة الباطل منهم في جميع العصور.