انبنى على المفهوم الشرعي للأمن العناية - تعبدا - بالإنسان من وقت ولادته إلى أن يلقى ربه عناية شرعية: العناية بجسمه، والعناية بعقله، والعناية بروحه وعاطفته، وتوجيهه تعليما وتربية وتدريبا على أن يؤدي إلى غيره من الناس حقوقهم، وألاَّ يأخذ منهم ما لاحق له فيه، وأن يأتي إليهم بما يحب أن يأتوا هم إليه. أي أن يطبق في صلته بالله وبالناس شريعة الله التي لا يتحقق الأمن بدونها.
فكانت النتيجة أمن الناس على دينهم، وعقلهم، ونفسهم، ونسلهم، ومالهم، بحيث يلتزم كل منهم بحفظ ذلك للآخرين كما يحفظها لنفسه، فإن خرج أحد عن هذا الالتزام الذاتي واعتدى على غيره ردعته الأمة - عن طريق ولي أمرها - بالزواجر الشرعية من حد أو قصاص أو تعزير ... وأصبح كل واحد من الأمة: حاكما أو محكوما، سيدا أو مسودا، خادما أو مخدوما، متمتعا بالأمن الذي كفله له دين الله.
وانبنى على مفهوم الأمن غير الشرعي (١) عنايةُ أهله بالوقاية من الجرائم التي أثبتوها في قواميسهم، أو العقوبة عليها، وقد يكون كثير مما سموه جرائم طاعات وعبادات ومصالح للأمة، وليست جرائم في حقيقة الأمر.