إن من أهم وسائل السباق إلى العقول، القدوة الحسنة التي يراها الناس ويلمسونها في صاحب الحق، بحيث يرون صاحب المبدأ يطبق مبدأه في واقع حياته وتصرفاته، فإذا كان المقام يحتاج منه إلى الكرم أقدم إلى البذل والعطاء، وإذا كان المقام يحتاج منه إلى خلق الشجاعة رآه الناس مقداما غير هياب، وإن اختبروه في صفة الصدق لم يجربوا عليه كذبا، وإن التمسوا عدالته لم يجدوا منه ظلما، وإن أرادوا معرفة تقواه ألفَوه يدع ما لا بأس به خشية من الوقوع فيما به بأس، لشدة تحرجه من الوقوع في المأثم، فضلا عن إتيانه الأوامر الواجبة وتركه المحرمات.
والخلاصة أنه يتحرك في نشاطه كله بالقرآن والسنة، فإذا رآه الناس مداوما على ذلك مالوا إلى الاقتداء به ولو لم يتكلم؛ لأن الحق بذاته يدعو الناس إلى ذاته، فكيف إذا رأوه مطبقا في حياة أهله ورأوا ثمار تطبيقه في الحياة؟ ويبدأ المعاند المناوئ للحق يفكر في سيرة صاحب الحق ويتدبر ويقارن بين الحق الذي يراه مطبقا في حياة صاحبه، وبين الباطل الذي يزاوله هو، ويترتب على ذلك أحد أمرين.