الخطر الثاني: أن أهل الباطل الذين استغلوا بعض العلماء ضد ذلك الخصم، إذا زال سبب خلافهم مع خصمهم، عادوا إلى موالاته والتعاون معه - على الحق وعلى الباطل - وقد ينصرونه على خصم له بالحق وبالباطل، وقد يحاولون استغلال أولئك العلماء - أو غيرهم - للوقوف معهم في ذلك، وقد يستجيب لهم بعض العلماء لأسباب مشابهة للأسباب السابقة التي جعلتهم يقفون ضد ذلك الخصم أولا، فيُحدِث ذلك بلبلة في عقول الناس واضطرابا، فيقفون موقف الريبة من العلماء، وقد لا يقبلون فتاواهم ولو كانت حقا، وفي ذلك حجر على عقول الناس من أن يصل إليها الحق، وسبق بالباطل إليها (١) . وهذه الوسيلة من أخطر الوسائل التي يتخذها أهل الباطل للسبق بباطلهم إلى العقول، أو الحجر عليها من أن يصل إليها الحق. لذلك يجب أن يكون العلماء والجماعات الإسلامية على حذر شديد، من أن يكونوا أداة لأهل الباطل الذين يجيدون المكر والحيل والاستدراج والاستغلال.
(١) ومما يضلل عقول الناس أن أهل الباطل لا يأذنون للعلماء الذين استغلوهم ضد ذلك الخصم في ظرف معين أن يبينوا للناس مفاسد ذلك الخصم وظلمه عندما ينتهي ظرف الخلاف بين أهل الباطل وخصمهم، بل قد يعاقبون من يذكره بسوء ولو كان حقا!