وبسبب ذلك أصبحت عقول كثير من أبناء المسلمين غير إسلامية على الحقيقة، لأنها لم تفقه حقيقة الإسلام الشامل، بل صُوِّر لهم أن دين الإسلام يعني التأخر والرجعية، وأنه يخالف روح العصر والتقدم، وأنه شبيه بالحكومة الإلهية التي حاربها الغرب عندما كانت الكنيسة تتدخل في كل شيء، وتزعم أنها تمارس نشاطها نيابة عن الله، وأنه لا يمكن أن يتقدم المسلمون ويتحضروا إلا إذا حاربوا دينهم من الناحية التشريعية، كما فعل الأوروبيون مع الكنيسة ومنعوها من التدخل في حياتهم.
ولهذا تجد أجهزة أعداء الحق تشن غارتها على أي بلد يطبق شيئا من أحكام هذا الدين (١) ، كالقصاص والحدود ...
ومن هنا لبسوا عقول أبناء المسلمين مناظير مضللة غير مناظير الإسلام، فأصبح بذلك الحق عندهم باطلا والباطل حقا، وانقلبت عليهم الموازين، وتغيرت الجهات، فأصبح العلو سفلا والسفل علوا، والأمام وراء والوراء أمامَ، فاحتاجوا إلى من يشمر عن ساعد الجد وينبههم على هذا الخطر الذي أحاط بهم وهم لا يعلمون، لأن أعداء الحق سبقوا بباطلهم إلى عقولهم وحالوا بينهم وبين وصول الحق إليها.