للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَمَتَى رَجَعَ الْمُقِرُّ بِالْحَدِّ عَنْ إِقْرَارِهِ، قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ رَجَعَ فِى أَثْنَاءِ

ــ

الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»: هذا قوْلُ أصحابِنا. وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن»، و «الفُروعِ»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: والظاهِرُ أنَّهم أرادُوا واحِدًا مع الذى يُقِيمُ الحدَّ؛ لأن الذى يُقِيمُ الحدَّ حاصِلٌ ضرُورَةً، فتعَيَّن صَرْفُ الأمْرِ إلى غيرِه. قال فى «الكافِى»: وقال أصحابُنا: أقَلُّ ذلك واحِدٌ مع الذى يُقيمُ الحدَّ. واخْتارَ فى «البُلْغَةِ»: اثْنانِ فما فوْقَهما؛ لأن الطائفةَ الجماعَةُ، وأقَلُّها اثْنان. قال القاضى: الطَّائفَةُ اسْم للجماعَةِ لقَوْلِه تعالَى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا} (١) ولو كانتِ الطَّائفَةُ واحدًا، لم يقُلْ: {فَلْيُصَلُّوا} (١). وهذا مَعْنَى كلامِ أبى الخَطَّابِ. وقال فى «الفُصولِ» فى صَلاةِ الخَوفِ: الطَّائفَةُ اسْمُ جماعَةٍ، وأقَل اسْمِ الجماعَةِ مِنَ العَدَدِ ثَلَاثَةٌ، ولو قال: جماعَةٌ. لَكانَ كذلك، فكذا إذا قال: طائِفَةٌ. وسَبَق فى الوَقْفِ أنَّ الجماعَةَ ثَلَاثَةٌ. قلتُ: كلامُ القاضى فى اسْتِدْلالِه بقَوْلِه تعالَى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا} غيرُ قَوِىٍّ؛ لأَنَّ القائلَ بالأوَّلِ يقولُ بهذا أيضًا ولا يَمْنَعُه، لأن الطَّائِفَةَ عندَه تشْمَلُ الجماعَةَ وتَشْمَلُ الواحِدَ، فهذه الآيَةُ شَمِلَتِ الجماعَةَ، لكِنْ ما نفَتْ أنَّها تشْمَلُ الواحِدَ. وذكَر أبو المَعالِى، أن الطَّائفَةَ تُطْلَقُ علىِ الأَرْبَعَةِ فى قوْله تعالَى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ} (٢) لأنَّه أوَّلُ شُهودِ الزِّنَى.

قوله: ومتى رجَع المُقِرُّ بالحَدِّ عن إقْرَارِه، قُبِلَ منه، وإنْ رجَع فى أَثْناءِ الحَدِّ،


(١) سورة النساء: ١٠٢.
(٢) سورة النور: ٢.