للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيهٌ ثانٍ: يُشْترَطُ فى صِحَّةِ قَذْفِ القاذِفِ أَنْ يكونَ مُكَلَّفًا؛ وهو العاقِلُ البالِغُ، فلا حدَّ على مَجْنونٍ، ولا مُبَرْسَمٍ، ولا نائمٍ، ولا صَبِىٍّ. وتقدَّم حكمُ قَذْفِ السَّكْرانِ فى أوَّلِ كتابِ الطَّلاقِ. ويصِحُّ قَذْفُ الأَخْرَسِ إذا فُهِمَتْ إشارَتُه. جزَم به فى «الرِّعَايَةِ». وفى اللِّعانِ ما يدُلُّ على ذلك.

فائدة: لو كانَ القاذِفُ مُعْتَقًا بعضُه، حُدَّ بحِسَابِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: هو كعَبْدٍ. قال الزَّركشِىُّ: لو قيل بالعَكسِ لاتَّجهَ. يعْنِى أنَّه كالحُرِّ. [انتهى. قلتُ: وهو ضعيفٌ، لأَنَّ الحدَّ يُدْرَأُ بالشُّبْهَةِ] (١).

قوله: وهل حَدُّ القَذْفِ حَقٌّ للَّهِ، أو للآدَمِىِّ؟ على رِوَايَتَيْن. [وهذه المَسْألَةُ مِن جملةِ ما زِيدَ فى الكتابِ] (٢)؛ إحْداهما، هو حقٌّ للآدَمِىِّ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» و «الكافِى»، وغيرِهما. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو المَنْصوصُ المُخْتارُ للأصحابِ. وقال: هو مُقْتَضَى ما جزَم به المَجْدُ، وهو الصَّوابُ. انتهى. والثَّانيةُ، هو حقٌّ للَّهِ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». فعلى المذهبِ، يسْقُطُ الحدُّ بعَفْوِه عنه بعدَ طَلَبِه. وقال القاضى وأصحابُه: يسْقُطُ بعَفْوِه عنه، لا عن بعضِه. وعلى الثَّانيةِ، لا يسْقُطُ. وعليهما، لا يُحَدُّ، ولا يجوزُ أَنْ يَعْرِضَ له إلا بطَلَبٍ. وذكَرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، إجْماعًا. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ على الثَّانيةِ، وبدُونِه. ؤلو قال: اقْذِفْنِى. فقَذَفَه، عُزِّرَ


(١) سقط من: الأصل.