للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أيضًا: وزِنَاه بزَوْجَةِ غيرِه كالغِيبَةِ. قلتُ: بل أوْلَى بكثيرٍ. والذى لا شكَّ فيه، أنَّه يتعَيَّنُ عليه أَنْ لا يُعْلِمَه، وإنْ أعْلَمَه بالغِيبَةِ، فإنَّ ذلك يُفْضِى فى الغالبِ إلى أمْرٍ عظيمٍ، ورُبَّما أفْضَى إلى القَتْلِ. وذكَر الشَّيْخُ عَبْدُ القادِرِ فى «الغُنْيَةِ»: إنْ تأذَّى بمَعْرِفَتِه، كزِنَاه بجارِيتِه وأهْلِه وغِيبَتِه بعَيْبٍ خفِىٍّ يعْظُمُ أذاه به، فهُنا لا طَرِيقَ إلَّا أَنْ يَسْتَحِلَّه، ويَبْقَى عليه مَظْلِمَةٌ ما، فيَجْبُرُه بالحَسَناتِ، كما تُجْبَرُ مظْلِمَةُ المَيِّتِ والغائبِ. انتهى. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ فى زِناه بزَوْجَةِ غيرِه احْتِمالًا لبَعْضِهم، لا يصِحُّ إحْلالُه منه؛ لأنَّه ممَّا لا يُسْتباحُ بإباحَتِه ابْتِداءً. قلتُ: وعندِى أنَّه يَبْرَأُ وإنْ لم يمْلِكْ إباحَتَها ابْتِداءً؛ كالذَّمِّ والقَذْفِ. قال: ويَنْبَغِى اسْتِحْلالُه؛ فإنَّه حقُّ آدَمِىٍّ. قال، فى «الفُروعِ»: فدَلَّ كلامُه أنَّه لو أصْبَحَ فتصَدَّقَ بعِرْضِه على النَّاسِ، لم يَمْلِكْه، ولم يُبَحْ، وإسْقاطُ الحقِّ قبلَ وُجودِ سبَبِه لا يصِحُّ، وإذنُه فى عِرْضِه كإذْنِه فى قَذْفِه، و (١) هى كإذْنِه فى دَمِه ومالِه. وفى طريقَةِ بعضِ أصحابِنا: ليس له إباحَةُ المُحَرَّمِ، ولهذا لو رَضِىَ بأنْ يُشْتَمَ أو يُغْتابَ، لم يُبَحْ ذلك. انتهى. فإنْ أعْلَمَه بما فَعَل، ولم يُبيِّنْه , فحَلَّلَه، فهو كإبْراءٍ مِن مَجْهولٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقال فى «الغُنْيَةِ»: لا يكْفِى الاسْتِحْلالُ المُبْهَمُ؛ لجَوازِ أنه لو عرَفَ قَدْرَ ظُلْمِه، لم تَطِبْ نفْسُه بالإِحْلالِ. إلى أَنْ قال: فإنْ تعَذَّرَ، فيُكْثِرُ الحَسَناتِ، فإنَّ اللَّهَ يحْكُمُ عليه ويُلْزِمُه قَبُولَ حَسَناتِه مُقابلَةً لجِنايَتِه عليه، كمَن أتْلَفَ مالًا، فجاءَ بمِثْلِه، فأبَى (٢) قَبُولَه وأَبْرَأَه، حَكَمَ الحاكِمُ عليه بقَبْضِه.


(١) زيادة من: الفروع ٦/ ٩٨.
(٢) فى ط، أ: «وأبى».